تعقيب عثمان علوشي
قبل أن أدخل في صلب الموضوع، اسمح لي أن أنبهك أخي الكريم إلى نقطة مهمة يغفل عنها الكتاب المغاربة وهي استعمال المصطلحات والتعبيرات التي يمكن أن نعتبرها مقبولة محلية ولكنها مرفوضة أو غير مرغوب فيها على الصعيد العربي، مصطلحات لا نجد لها أثرا في الاستعمال المشرقي، مما يطرح، دون أدنى شك، قضية الفهم الناقص أو الغامض للأفكار التي يريد طرحها الكاتب. ومثل هذه العقبات قد تؤدي إلى نفور القارئ العربي المشرقي من الإنتاج الفكري المغربي، إن لم نقل المغاربي ككل. وأصل الداء يكمن في أن المغاربة يتعلمون لغة صحفية معيارية نستطيع نعتها باللغة الملوثة والتي انتشرت بسرعة كبيرة، وذلك نظرا لقلة المعارف اللغوية لدى الصحافي المغ(ا)ربي والمتلقي المغربي على حد سواء..إلا من رحم الله.
وفيما يخص المشهد الثقافي المغربي، فاسمح لي أخي الكريم أن أقول أنه مشهد متردي. ولا داعي لمدح السياسة الثقافية التي تتخذها وزارة الثقافة والشعارات التي تلوح بها في الأفق لإلهاء المثقف المغربي المنهمك في البحث عن سد حاجياته الغذائية اليومية أكثر من التفكير فيما يفيد الرفع من مستوى الوضعية الثقافية التي يتخبط فيها المجتمع. واسمح لي أن أقول أن بعض الكتاب الذين ذكرتهم لم يكتبوا يوما بدافع حب الكتابة والأدب والثقافة، ولكنهم كتبوا استجابة لرغبات ناشرين أرادوا ترويج بضاعتهم المزجاة بدعوى إضافة مؤلفات جديدة للمكتبة المغربية. وفي الأخير، أنتجوا أدبا مائعا لا يرقى إلى مراتب الأدب العربي ولا العالمي، أدب يدمر أكثر مما يرمم المجتمع المتصدع أصلا، ولا داعي لذكر الأسماء حتى لا نخدش مشاعر قراء وكتاب لا يريدون تصديق أن الأدب الحقيقي وافته المنية قبل سنوات كثيرة...
والأحلام التي يبنيها الكتاب والأدباء، وحتى فنانونا، بعد تعيين ممثلة مسرحية وزيرة للثقافة، سيكتشفون يوما أنها أماني ستعصف بها الأيام لا محالة...وانتظروا إنا معكم منتظرون.
أما الحديث عن العيطة وأحيدوس وعين اللوح، فهو يطرب أكثر مما ينفع الناس. بالله عليك، هل العيطة وأحيدوس ومن على شاكلتهما من المهرجانات الموسيقية. هل هي التي ستلحقنا بمراتب الصدارة والتقدم على جميع الأصعدة!!! محال ذلك، فالدول التي تريد أن تستغل أموالها وميزانياتها فيما يعود بالنفع عليها يوما لا تعطي أهمية كبيرة لشيء اسمه "الموسيقى الشعبية" أو التراث الشعبي. بل تخصص ميزانياتها للبحث العلمي الحقيقي، ولا داعي لسرد ما حققته الدول الأوربية لأنه أبله من لا يرى مكامن الفرق...وأؤكد، الفرق الشاسع.
أما نحن،فأبحاثنا العلمية لبست حلة اسمها "النوم على رفوف الجامعات ومكتباتها"، ومن يريد أن يبحث في ميدان ما فعليه إلا أن يذهب إلى الخارج أو يعود إلى بيته ويستمع لدغدغات عظامه ويمتهن التسكع في الشوارع...
والغريب في مغرب لا تستغرب أن الكل بخير بالرغم من أننا دخلنا سنة ميلادية جديدة... ولم يقل مذياعنا أن الكل يعيش في بؤس (عاطفي، مادي، سياسي، اجتماعي، وحتى ثقافي) ولكن، كل شيء على ما يرام...والحمد لله
|