قيء ليلة السبت
كنت متشبثا بالمقبض الأفقي .. وكان التوبيس يتأرجح مثل مركب في بحرمتلاطم .. يهتزفتهتزمعه الأجساد من حولي وتضطرم شحنات التماس الكهربائي في التورمات الشهية المعبأة بالصعقة الجنسية ... يقينا أننا كنا في حالة إنحشارمتنقل .. وقد قبلنا بهذا الإنحشاروأذعن له الركاب جميعهم مرغمين على ذلك الإحتكاك الإضطراري العابرللقيم التحتية التي تشبه أضواء المرورالثلاثة .. ويقينا أنهم حين يعودون إلى بيوتهم في ليلة السبت هاته منهم من سيركب على أتانته من دون خجل من الأضواء الثلاثة المحذقة به في خلوته ومنهن من ستركب حمارها كما هي العادة كل ليلة من دون ملل ...
كنت متشبثا بالمقبض ومحاصرا من كل جانب .. حصار رغبت فيه على مضض مادامت فيالقه كانت مدججة من كل الجهات برشاشات العطر والطيب ..
السيدة المنتصبة أمامي مثل مانكان أخرس ..
المانكان الذي أرنبة أنفه تحتك بأرنبة أنفي ..
الأنف الذي أحس بأنفاسه اللاهبة تلفح وجهي ..
السيدة التي تحس بأنفاسي تلفح صدرها العاري المتوثب بقرنيه الأرعنين كثور(الكوريدا)...
الثورالغارق في بريستيج كوستيم سهرة ليلة السبت ..
الكوستيم الأسود الموشى بياقة مطرزة كأجنحة فراشة لاتعبأ بنارالكهرباء ...
نارالكهرباء المستعرة أمامي تسترق مني النظرات الوامضة ... بعد حين أحسست أنها قد تجاوزت الحد الأقصى من عدد الطلقات على صدري وأن نارأنفاسها قد إستعرت كثيرا وهي قد تسبب لجلدي العاطفي حروقا من الدرجة الثالثة ... ماجعلني أشك أخيرا أنها تفتش عن سبب للإيقاع بي وأنها مع إهتزازالتوبيس سوف تختلق هذا السبب لتقول لي :
ــ إسمح لي ياكما ضايقتك !!؟
ولبثت أترقب تلك ال(ياكما ضايقتك) منها ونحن مازلنا نتلافح .. نتماسس .. نتكهرب .. نتلافح .. نتماسس .. نتكهرب .. وناقلة التوبيس مشاية بنا وفجأة داس السائق بقوة على المكبس حتى لاينطح مؤخرة مرسيديس سوداء فارهة :
ــــ جججججج !!
كان التوقف في الحال (sur palace frein sec) وقامت قيامة أجسادنا داخل التوبيس ، لتنخرط في حالة جذبة وجلبة وعلى حين غرة صرنا نتساقط مثل أوراق (الكارطا) المرصوصة بعضنا على بعض .. وفجأة رأيت (السوطا) التي أمامي تهوي على صدري وحدث مالم يكن في حسباني وحسبان الركاب .
ــ ماذا حدث !؟
بغتة سمعنا (شرررررررر!!) طاش شلال من قيئها الأحمرعلى سترتي والقليل منه على كوستيم السبت الأسود الذي تتطاوس فيه تلك (السوطا) .. كان من دون شك قيئا من نبيذ (الموغرابي) المخلوط بالطابا والقطعا المبيتة ...
وأخيرا رفعت عينيها حتى عدنا كما كنا قبل زلزال المكبس ، الأرنبة تحتك بالأرنبة .. قالت وهي في حالة دوخة وإنهيار: (إسمح لي إذا ضايقك عصيري)