حروف الفقدان

   
 


 

 

الصفحـة الرئيسيـة

مواقعي الإلكترونية

سيــرة

مـقـالات نـقـديــة

مقالات في الأدب الـرقمي

مقالات في الإعلام والإتصال

قـصص قصيـرة

=> مهد في مهب الثرثرة

=> مدارج البيت العتيق

=> خلوة رفيعة

=> OK

=> فرفريعلق الجرس

=> ورم الكتابة

=> طلسم

=> الفنان .. كوميديا قصصية

=> ناتالي

=> كأس نزار قباني

=> حروف الفقدان

=> إلى حبيبتي ناطحة السحاب

=> أراجيف الوسادة

=> جسد وظل على خط الإستواء

=> شارب الإنبست

=> علبة بيتهوفن

=> سوناتا من قبل هذا المقام

=> we are the world

=> زهرة النيلوفر

=> الكاتب

=> أوراق من تحت الردم

=> PDGفي إنتظار

=> سوناتا من قبل هذا المكان

=> أعيرهم أجنحتي

=> قناع

=> ماماغولا

=> قيء ليلة السبت

روايــــة

شـعـــر

صفحة شعراء حقوق الإنسان

eBOOK

بــورتريهـات

حــوارات

شـهـــادات

للإتـصــــال

 


     
 


حروف الفقدان


امسكت بكفه، و حين ضغطت بحنو ، احسست كانني دغدغت رأس خيط واهن او مثلما بلغت في برهة منتهى ممشى كنت أجهل كيف طرقته …
سرير ابيض .. وقطعة آدمية من جليد على أهبة الانحلال في كيمياء التراب الازلي المنعوت بالشاهدة بين الحيطان المتدثرة بأصماغ الصمت السرمدي  والاوجاع الجامحة  و الانات المنقذفة من حمم الروح .. كانوا قد عبروا  أولاء الذين نعرفهم أ ولا نعرفهم مثلما يعبر هو الآن متشبثا بتلابيب البقاء … يود لو نقتسم معه ما جادت به السويعات الهازئة من اصطبار معاند .
عيناه سارحتان في الفراغ المثخن برائحة العقاقير الممهورة بالمرارة ، تتحدثان بالرفيف والإمعان الموغل في انغراسنا حول مثواه الأخير عن الرجات الدفينة في أوصال الارب العليل ، التي كانت تطوح برأسه بين الحائط و درج التراويق وانبوب الدم الذي يبقر البطن و يرضع  باشتهاء ما تبقى من نجيع القلب و يقطره في صلف معدني أبيض من تحت السرير.
و في الغرف المتوارية كانت ثمة لجة صاخبة حول المتمددين مثله على أسرة الغياب
صمت يعم متنكرا خلف أكذوبة السنين .. تعود الهدنة المؤقتة وتمضي الاهتزازات الى وقت لاحق ، تتفقد الخليلة بارتجاف باد على كفيها ثنايا دثاره الخفيف ومخدته لاستكانة الرأس المحموم ، ثم تهيئ منومات الغياب و قبل انصرافها تتملى وجهه المنحوت  بازميل السقم ، وتبصم قبلة على جبينه و ها هي ذي الزلازل الجوانية تدك مرة أخرى عالم الدواخل  فتنطوي مسافات العمر على نفسها بسرعة الرمش الواجف …
والآن كيف فقد البيت معناه.. أركانه ودفئ الحياة فيه .. قلت في نفسي ما جدوى أن يستمر هذا السقف من بعده ولمن سينهمر هذا الضوء على مضجعه المهجور الذي لا تستقيم  حيطانه إلا ببقائه .
ثم ما جدوى أن نصغي ، نتكلم و نرى هذا العالم من دون مجاورته .
من مراتع البدايات الى مهاوى الفقدان   .
هو لم يكن يعلم أن سفرنا  بقدر ما كان بحثا عن نبتة  البقاء ، فقد كان أيضا رحيلا الى غهيب الانمحاء وعلى تضاريس العبور المارق.. كانت الحياة تتـأبط الغازها وتسخر من أوهامنا.
أدخلناه قلعة الاسقام .. كان الطابور يمتد الى ما لا نهاية… قادمون من كل فج عميق.. وكانوا كالحيتان الميتة التي تطفوعلى سطيحة الأقدار.. يمنون نفوسهم لعل في أكف الملائكة البيضاء سحر الترياق.
من جوف غرفة الأشعة الكيميائية كنت أصيخ السمع الى وجعه ..أناته التي ترج المعابر والأدراج ..فجأة عصف النبأ بكل باقات التضرعات ، حين أسرت لها بالخبر القاصف ، لم تتملك نفسها ، ذرفت دموعها الملتهبة تحت المنديل خفية .. وتقنعت له بالابتسامة الضويئة . أحمد لم يكن يعلم سر سقمه المتلاف لهواء الباطن ولذلك كان يجيب على عبثية الوجود بيقينية البقاء.
قالت له :
ـ أطلب ما تريد وما يلذلك فنحن فى عاصمة الرغبة.
 فرد نافثا أقساط الكلام بالزفرات الساخنة:
أجل خذيني معك كي تدغذغ أقدامي رمل الساحل وقت الغروب لأنقش هناك أثرا لذكراي فلربما لن أعود …
ثم أردف وهو يلتقط أنفاسه الحرى : كم يلزمنا من الزمن للشبع من الزمن !؟ فعلى كل معصم آلة لترصد العمر.. وحين لا نفكر في الموت فمعناه أننا قد انتهينا ، فدعيني أدا ريه على الأقل بقناع الحياة ارتفقت النافذة .. كانت تروم انخطافا منقذا من قلق السؤال الضاعظ .. كانت بعض حشرات تخترق ثقوب وشقوق الحائط المتصدع … هل تفكر في آلامها !؟ … فيم تفكر داخل أكنافها المعتمة وفي طريقها القليل ذاك على خط زاوية الركن ، حيث يصير النور لديها معبرا الى مسارب ديجورها الأليف… لقد توقفت عن سيرها الخفيض ،  لاشك أنها تستخف بعالمنا العاري على منصة النهار… عالمنا جميعا .. عالمنا الذي نلاحقه من دون أن ندرك أننا نركض ببلاهة نحو مهاوي النهايات . إننا محاصرون بالفناء ، بالموت ، ومع ذلك نغتر بقدرتنا على البقاء من أجل العيش وبقدر ما نستطيع ..!!
كانت الأشياء من حولنا تغري وتعطي انطباعا بأن الحياة جديرة بالحياة برغم هذا الثقب الشاسع في طبقة الأحاسيس المخرومة بالكآبة.
كانت الوجوه في الشارع تطفح بالرواء والتبلج. والأقدام تلتهم ما تبقى من الدروب المتشعبة ، التي وقعنا عليها صدفة وصرنا مسعورين بالترنح على حبل الرهانات الواهية . وهذه المعابرنا لا تكشف عن فداحتها إلا بعد أن نستفيق من دوار الاستلذاذ الخاطف ، وهذه الوجوه التي تقايض النظرة بالنظرة الكابية ، هي نفسها ذات الوجوه التي رأيتها بالأمس هناك في مراتع البدايات والتي يقينا سأراها في مواقع أخرى وربما في أزمنة أتية… هي ما فتئت تمشي وتمشي وتمشي باتجاه ملاذاتها الأخيرة. ( بالنسبة لي لا يقع  هذا إلا نادرا عندما أفتح كتاب الذات واغور في أسطورتي المنقوعة في حبر السقوط ).
فيما ستجدي إذن كل هذه الأعشاب البرية والتمائم النحاسية والعقاقير والأدوية ، والترحال بين الاسرة البيضاء مثل الفراش مكتوون  بناروهم الحياة !!!
حملناه الى البيت…
عشاء أخير…
لاقيام بعده…
كانت الأيادي تتمسح  بجسده المهيض.. شعرنا أن أرواحا عليا تقاسمنا شعائر المراسيم وتدون على لوحها المحفوظ تفاصيل الاحتضار…
..وفي لحظة ما غفوت، وجدته قد احتدمت فيه الشهقات والحشرجات والتمرغ على سعير الألم الدفين وكان الليل من حولنا يسري على مهل كأنما يهبه ليلا ضافيا للتملي الى ما صرفه من عمره القصير..
كان أمامنا جسدا  يزحف خلسة الى حافة النزع الأخيرة…
 وبين الغفوة واليقظة تمتد اليد الرؤومة لتطفئ لظى الأنفاس بقطرات الندفة العدنية.
أيقنا ألا بد مما ليس منه بد…
فليتنا .. ليتنا أدركنا معنى هذيانه قبل الإغماضة الأخيرة.        

                                              
 

 
 

 

 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free