زهرة النيلوفر

   
 


 

 

الصفحـة الرئيسيـة

مواقعي الإلكترونية

سيــرة

مـقـالات نـقـديــة

مقالات في الأدب الـرقمي

مقالات في الإعلام والإتصال

قـصص قصيـرة

=> مهد في مهب الثرثرة

=> مدارج البيت العتيق

=> خلوة رفيعة

=> OK

=> فرفريعلق الجرس

=> ورم الكتابة

=> طلسم

=> الفنان .. كوميديا قصصية

=> ناتالي

=> كأس نزار قباني

=> حروف الفقدان

=> إلى حبيبتي ناطحة السحاب

=> أراجيف الوسادة

=> جسد وظل على خط الإستواء

=> شارب الإنبست

=> علبة بيتهوفن

=> سوناتا من قبل هذا المقام

=> we are the world

=> زهرة النيلوفر

=> الكاتب

=> أوراق من تحت الردم

=> PDGفي إنتظار

=> سوناتا من قبل هذا المكان

=> أعيرهم أجنحتي

=> قناع

=> ماماغولا

=> قيء ليلة السبت

روايــــة

شـعـــر

صفحة شعراء حقوق الإنسان

eBOOK

بــورتريهـات

حــوارات

شـهـــادات

للإتـصــــال

 


     
 


زهرة النيلوفر




… لذا كنا نخشاه … من بعيد أو من قريب .. ونحن نسير على الحد الفاصل بين شلال الشمس وظلال السور الذي ينتصب على رميم الغرقى.
كنا نرى العظام الثلجية ولا نجرؤ على النبش خوفا من أن نوقظ أرواحها القديمة فنصاب بمس عظيم .
لست أدري من أوحى لنا بمزاره فقصدناه كالمريدين ، إذ كان رحيلنا المسائي أشبه برقصة الفراش الهائم… رقصة لاأول ولاآخر لها .
هناك .. تحت البوابة الأرجوانية العتيقة توقفنا . أحسسنا بحرارة الجسد تنخفض بالقدر الذي يجعل هبة نسيم عابرة باردة علينا كدش المصيف.
قلت لأبي : أجل لقد رأيت الدراع هنالك .. وحدها في غمار الماء هنالك تخبط على السطيحة ثم لم تظهر ثانية .
رنونا إلى المسارح المائية الشفيفة .. قال : قد تكون دراع عاشقة، لاشك أنها دراع سيدة متلبسة في فستان سهرات الآدميين .
كانت على الدراع علامة زهرة النيلوفر.
بدا النهر عارضا عنا .. منصرفا في أزله إلى خوانق التلال القصية .
طفقنا نترقب أن تخبط ثانية ، بيد أنها لم تطف .. مثلما المجداف يندفن أو يختفي .. اختفت زهرة النيلوفر. أشرت إلى الأعماق وأعدت عليه دون أن أشعر : أبي لقد خبطت هنالك ، صدقني. . دراع مشمرة على ساعد ناصع كالقشدة.. بفستان السهرات المشغول بضفيرة البرشمان …


صهريج السواني فضاء القصة

توقفنا .. اتكأنا على جدع السور الرخو … مشدوها كنت .. تساءلت إن كان بالنهر على صغره ،  أرواحا ، حوريات ، أو حيتانا تخبط بين الحين والآخر على هدوء الصفيحة المائية وتطفو بعيونها القرمزية الصغيرة لتترصد الأقدام المختالة على الحافة ونحن نشاطئ النهر على الحد الفاصل بين شلال الشمس وظلال السور الذي ينتصب على رميم الغرقى…
ران علينا وعلى المسارح الزرقاء صمت رهيب ، أشبه بصمت القبور .. والنهر مسافر زاده قرابين زهرات النيلوفر.. يمضي تحت أنظارنا في دفاقه الغريب ، إلى بطون التلال المندالة…
مكثنا لهنيهة نتسمع لهسيسه الأسطوري الغامض ونترقب خبطة الدراع ثانية …
قلت في نفسي ، يقينا أنها الآن في كنف الأعماق ، على مهاد القعر .. ببطنها المتورم بالماء وفستان السهرة الذي تراقص تلابيبه المويجات السفلى وضفيرتها عمودية كحزمة سنابل وعيناها لم تعلوهما بعد سحبة القرارة.
كان النهر يمضي غير عابئ بنا أو بالدراع التي ننتظر أن تخبط ثانية على السطيحة .. خبطة جناح مكسور.
هنا في النهر ترقد كثيرات … من لم يخضب راحتهن عسل الحناء العذراء .. من خذلتهن مقصورة الهودج فألقين بأجسادهن في نيران المياه السفلى ، خوفا من أن تنقش أسماؤهن على بوابة الحارة … قد تكون تلك الدراع المتلحفة في فستان السهرة آخرتهن ، فلنستمر في الإنتظارأو قد يأتي صيادوالليل بعصا النبوة لتشق صدر القرارة فنرى زهرة النيلوفرممددة على مهاد القعر.
وانتظرنا مساءا .. كانت الغلالة البنفسجية تنثال على المسارح بإستارتها الشفيفة والنهر يمضي كما ألفناه غير عابئ بالوقت وبانتظاراتنا .. نهرا صامتا كان .. منطويا على سره الدفين .
لمحنا عصافيره تؤوب إلى وكوناتها في مسامات السور العريض كما آخر نسائم الأصيل التي تزف بين قامات السنديانات إلى ملاذها.
كنا آخر من مرعلى حافة النهر .. حين لم تخبط الدراع ثانية عدنا نحن أيضا مثل العصافير .. مثل النسائم .. مثل النمل .. مثل طيور اللقلاق التي تعتمرقنان الأبراج .
حدثني عن هياكل أخرى طفت في ذات النهرفي الأيام الخوالي .. وعن رجال زلت أقدامهم الجدلانة بعد أن استراقوا دنان ( كروان) وهشموا قلالهم الأرجوانية على عتبات الفجر .
ربما جنحت بهم الغواية إلى البدايات أو استعر ألم الأعماق إلى قمة أشهى الميتات …
…لذا كنا كثيرا ما نسمع عن سكارى غرقى في النهر وسكرانات غريقات  في البر .. وكثيرا ما كانت نداءات الغوث تتناهى إلى مسامعنا في الدروب فلانجهد البال في شراك الجواب عن السؤال .
النهر دائما هو سؤالنا الازلي … كان يعبر في يوميات مخيالنا مثلما يعبر في تضاريسه .. ويكبرعشقه فينا بقدر ما تغرق القرابين في أعماقه .. كلما تعددت القرابين توقدت فينا فتنة السفر في قارته السفلى…
كانت الأصباح تفصح عن شهوة النهر … كان يلايل أرواحه .. يضمها ويدثرها بالأعشاب … فنتساءل هل كان للخصب والرواء أم كان قبرا لزهرالنيلوفر.
لقد رأيت الدراع والعلامة ثم جسدا من تراب القرارة والكفن من قماش الطحالب وأعشاب الخز اللزجة…
على الحافة كنا نتملى بهلع جسدها الأخضر وأيادي الرجال الضفادع تنتشل ما طفا على السطيحة من رميم .
تركنا خلفنا الباب العتيق المطرز بتوقيعات العاشقين ( الحب لايموت ــ راني كنحماق عليك ــ ع +ف ـ الحب ــ سهام كيوبيد الإغريقي التي تخترق قلب العاشقات …)
أسرعنا إلى الحافة كانت زهرة النيلوفر في ذات الركن .. جسد ململم في فستان المسامرة …
على الجبين ما تبقى من بسمة القمر
على الصدر قلادة لآخر التنهيدات
على الشفاه بقايا مواويل …
على الربوة أقداحها اليتيمة
لم يعد أحد يبكي على ليلاه .. كلنا نبكي زهرة النيلوفر..  نبكي الدراع التي ظهرة ثم غرقت فجأة .
بعد أيام عدت وحدي ألفيت النهر عاريا .. منتفضا وصراخه يملؤ الآفاق .. تمليت طويلا تلك الأمداء المائية الشهية … انحدرت خلفهم  شعرت بخوف طفولي غريب .. ورغم ذلك اتقدت في نفسي شهوة الأعماق مثلهم .. كنت واقفا على الحافة وعلى حين غرة امتدت من تحت الماء دراع النيلوفر وسحبتني بلطف .. ارتطم جسدي بالسطيحة .. كان الماء ينفذ شيئا فشيئا فابتللت بالكامل .. لم أقاوم هذا الغرق .. حينما لمست قدماي القعر والأصداف والطحالب والأعشاب الرخوة .. عرفت أنني غرقت .. لم أقاوم هذا الغرق.. تجرعت الكثير من الماء وما يكفي من الموت.. قلت لها من تحت الماء وكانت الحروف فقاعات تصعد من فمي : ما ضر أن أغرق معك أيتها النيلوفر، حسبي أنني فهمت معنى الأعماق.. 
 
 

 
 

 

 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free