طلســـم
كنا نجر حقائبنا بين الشوابك العسيرة كيما نلوذ الى ركبة مدينة تتمدد على ضفاف الأقيانوس.
حين نزلنا وجدنا رصيفها مهجورا وأجراس القيامة توقع مقام وضع طارئ وبوقها المعدني المصلوب على قنة البوابة يردد ( رويدكم .. رويدكم سوف ناتيكم بعربة الغوث على عجل .)أثرئد فتحنا حقائبنا فألفينا بعض الارضات تتسكع بين القمصان وحزمات الأوراق البكر.
توغلت بنا العربة الفرعونية في جوف الايك الاسمنتي بمحاذاة أقاليم الموج والزبد . وفي لحظة فركنا أعيننا فألفينا حولنا صباحا محاكا من ستائر ضباب الضغظ المنخفض.. وهناك علب مندات وفرقعات الخطو العصابي تتعقبنا .. شرائط اللدائن السوداء المستدرجة على حقول التيرس الملتهبة بشمس آب ، ورائحة شواء الاسياخ على شفير كوكب النار.. لهاث ساخن .. صيرنا القمصان مروحات وكانت على جانبنا ترتد المرئيات المشتعلة الى أورقة البدايات حيث تركنا هناك خربشاتنا على حيطان الطفولة وتقاسمنا رغيف الجسارة في أزقة الرياح الأولى .عند المغيب أممنا ساحة ” الأولمب “عتبتنا المفضية الى الخلجان المضرجة بالصمت الاسطوري.انتهبنا عرسها العجائبي الابهي على أدمة شمس عدوانية … وجوه وملامح بلون التمرالعراقي ترشح بعرق مخفور..آذان مشدودة للعزف الجنوبي … خوارق السحر المحفوف بلكنة الخبل و مزمار داوود يضاجع أفعى ندرت جسدها للحكي المستديم…في المساء دخلنا إلى خيمة شهرزاد .. أطعمتنا حساءا ساخنا .. كان يندلق عبرالمسارب الجوفية وهي تطعمنا وترنو الى سحناتنا المتوردة في غمرة أوار الطبيخ الشهي وسيماء وشمها العربي الأمازيغي الباذخ تتبدى مزدانة بثراء الجذورالخلاسية المؤتلفة منذ الازل.شعرت بنجيع جديد .. فوارا ينضخ في أكواني الجسدانية العميقة .. وصخب ساحة الأولمب يتناهي إلينا محمولا على بسط النسائم المسائية …
خرجت..
خرجنا..
وجدتني عائما في شلال نهر التطواف الشامت باتجاه أطواد الحصار الطوبوغرافي وحافات المحو… رأيت أشباح الثغريين شاردة بين سلالم الاراكة والسواك المر.. وكانت العربة الفرعونية المهترئة تراوغ بنا الحتف الرابض في مفاصل التشكلات والاسبلة الافعوانية التي ما تزال تقتات من أخماصنا ونحن نرقبها ببلادة مثلما الابقار ترقب خطوط سكك الحديد…
فجأة توقف الهدير… أخيرا توقف مع أنه كان ما يزال يطن بعناد في رؤوسنا المرتخية.. توقفت بنا العربة الفرعونية في قرية أسطورية ، قرية قصية مستلقية على سقيفة النأي.. بدأنا ننفض أجسادنا من حراشف التعب وغبارالمطافات.. انحدرنا على مضض الى مآوينا العتيقة حيث ثمة بصمنا بالاصابع العشرعلى أوراق التطواف وأمسينا نداري العزلة بهمس شهرزاد المسائي كيما نتسلى على سريرمن أوراق الموت المِؤجل …
|