جسد وظل على خط الإستواء
أمام عري المرآة، هناك في العمق الصقيل، اعتدت أن أنغرس…
وكم يلذ لي أن أغزو المشاحيذ كما لو أني فارس .. فاتح ممسوس بتلك السهوب التي تتقمص اللون والقسمات…
من الداخل، هشمت القشرة كي أتخطى الفاصل بين الغيب والكينونة… هي حالة جبرية كي أقيس لذة المسافة الممتدة كعرقوب قاهر أمام ناظري .
الجسد يأتي على محمله باتجاه ملاذات العاكفين في الانصهارات اللذيذة.. وفي البدء تكون الشهقة الاولى بين العدم والشروع في الترحال المحتوم .
مسافات للإختراق .. العالم في العينين.. ملتف حول مؤثثاته الذاعرة، تارة تنتظم وتارة للخبل تمنح قاماتها.
من كوة البدء رنوت الى الجسد بين دغلها مسوقا الى حتف المسارات الليلية … وعلى مرمى حجر ألفيته جسدا يشبهني مقتعدا حذاء ظله.. بينهما عوالم اللالون الاعزل.. أحيانا يخترق الواحد منهم ظل الاخر، كأنما ينبشان في مثاويهما عن نبتة التكوين. ( يقع كل ذلك في زمن منساب على مجرى التهامس) …
يفتح الجسد صدره للنسائم الرحيمة والظل يفضح اكتساح انتعاشه الخلوب في صمت.
ثم تنتفض كائنات اللالون الاعزل مرة أخرى، من ضفة الليل الى انبجاس الصحوة الممتدة على سرير السيدة المتسربلة بصخب الولادة واصطفاق الاجنحة.
وفي الأجواف تنهض قيامة الرقصة .. يعب الظل نور النجمة والجسد يتطلع لغواية ظله، ثم على خط الاستواء يلتقيان، يتجاذبان أطراف إطباق باذخ، وأكون لهما موكبا عابرا بهما أو قيانوس التوحد… أقف عند ذاك المرفأ الذي تسكنه شهرزادات وعرائس بحور الحبر. مزهوا أرقبهما ينزلان بخطو متناغم..( هي صورة باتت تحتل ميدان الذاكرة.. و تسعفني عند لحظة الاستحالة، لكائنين منذور أحدهما للآخر، لاترهقهما المعاكفة.)
الجسد البهي يأتي جاهزا، متمنطقا ببسمة القريحة.. في لفائف من القماط القدري.. يهاجر السرادب البدائية.. فجأة يندفع الهواء محمولا على الاوتار الطرية، النقية.. يتعمد بالدم الممزوج بعبق الفسق المباح، في فجر يبصم زمنه على العنق الصوفي والكمان الأندلسي والزغرودة النشوانة.
راحة الأب المتشققة ذات التورمات الصلدة الراشحة بعرق الخبز القاهر تؤرجح الجسد البض من مأثر الترقب الى بلاقع المفارخ اللانهائية…
من أية بغوة يأتي للظل الوسن البابلي وللجسد اليقظات المقيتة؟ أمن القيافة المحتومة أم من جنون الخطو الأخيذ؟.
يمضى الجسد مدفوعا أو مسحوبا على سكة أقداره … بين ادلهام مداهم ونهار مستعار وتناسل الازمنة المستبشعة ثم انبعاث الانثى النفساء بين برزخين فتكون البداية الإرغامية لجسد آخر ينتصب بدوره أمام عرى المرآة، ليعيد اللعبة البذيئة التي يقترفها الأنام وهم أشباه موتى.
قبل هذا التاريخ بزمن ما ، بزمن أسطوري ، التأمت نطفتان خالصتان في أدمة الضباب، حكى جدي الأول أنهما من ترائب تراب القديسين، وكان الجسد متمددا على بطنه يقضم تفاحته الاولى و حين انتهى أحس بمغص فبكي في غفلة من السماء. ثم استوى واستعد للترحال بخطيئته المزمنة.
فجأة انبثق ظل من الماوراء.. استجمع أنفاسه وفجر زفرة مدوية تشي بما قد يأتي من علاقات فاترة مع العالم والانثى والحلم ، إلا مع ظله.
|