نحودائرة أدب محدودة
ما من شك في أن الأدب بات يعيش أزمة في الوقت الراهن مع إنتشارالرقمية التي صار ينظر إليها الكثير من الأدباء بعين التوجس والتردد .
إن رقمنة الإرث الأدبي ليس مشروعا للحفاظ على الأعمال الأدبية ووقايتها من الإندثارفحسب .. إن الرقمية قد خلقت طرائق جديدة للقراءة قد تجعلنا أحيانا نخشى من العزوف عن القراءة المكثفة لصالح القراءة المتمددة . وليس على الأدب سوى مواكبة حركية هذا المشهد المتحول في الوقت الراهن .
إن هذا التغييرقد طال كل وسائل الميديا إذ جعلت من القارئ مستهلكا عن طريق الإبحارللبحث عن معلومة أومنغمرا في أفقه لخلق وسائله الخاصة لامتلاك المعرفة ومكتشفا للذة ثقافية مغايرة . غير أن تاريخ الميديا قد علمنا أنه نادرا ما تحتل ميديا جديدة مكان أخرى قديمة . فرقمنة الأدب لن تلغي الكتاب والنص المتشعب لن يلغي النص الخطي التقليدي .
إن تنوع أشكال إستهلاك الأعمال الأدبية يواكبه تطورجديد في طرائق الإبداع فالنص الرقمي قد فتح الطريق لأعمال أجناس جديدة موجهة أساسا لعملية تلقي خارجة عن عالم الكتاب الورقي . فبهجرته عن سنده التقليدي يمكننا القول أن الأدب قد ركب أمواج المخاطرة والمجازفة من أجل إكتشاف أشكال جديدة كان بعض الكتاب قد تكهنوا بها سابقا أو تمنوا تحقيقها غيرأنها بقيت مجرد ضرب من الخيال بالمعنى الذي حدده بورجيس في مجموعته القصصية [ كتاب الرمل] والذي تحول فيما بعد إلى حقيقة مع إختراع مولدات النصوص أو أعمال هيربير كين أو مثل قصائد تريستان تزارا ، وهناك العديد من الأعمال الأدبية التي تروم إلى الرغبة في الخروج من نمط الأشكال الأدبية المحدودة في سندها الكتابي أو سند الأوراق المرهقة .
أخيرا هل يمكن إعتبارهذا المشهد الإبداعي الأدبي الرقمي الجديد هو إتجاه نحوتغييب خصوصية الأدب أم هو مظهر للتجديد في بنياته التقليدية ... ؟ وهل هذه الأعمال الأدبية الرقمية ستخلق جمهورها الخاص بها ؟ نعتقد أن الوقت لم يحن بعد للإجابة عن هذه الأسئلة.
يقينا أنه ليس هناك إختراع من دون خسائرومخاطر وأنه ما من شك في أن لهذا التحول في المشهد الإبداعي الأدبي ثمنا قد يكون باهضا أو بخسا في المستقبل ، وفي كل الأحوال فإن الأدب سيبقى على قيد الحياة ما بقي الإنسان كائنا أدبيا مبدعا .