السلطـة الخامسـة
كتبها : عبده حقي
الإنترنيت ك(سلطة خامسة) بعد السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة الصحافية قد زعزع إن لم نقل قلب المشهد الإعلامي عموما .. فاليوم وبواسطة الويب يمكن أن ننتج أفلاما أونقيم منتوجا إستهلاكيا حتى قبل إقتنائه في (السوبيرماركت) كما يمكن وعبرالإنترنيت إستجواب الناخبين أوالرد على قرارات المسؤولين أواستقصاء الرأي العام في قضية من القضايا ...
لقد انتشرت ظاهرة التدوين Blogger في كل مكان من العالم ، في مناطق التوتركما في المناطق التي تنعم بالسلام ، وإنتشرالمدونون في مختلف حقول الإبداع الإنساني ، في الآداب ، التشكيل ، السينما ، الموسيقى .. إلخ وبقدرماساعد الويب على الإنتشاروالذيوع والتوزيع خصوصا في مجال السينما فإنه في الجانب السلبي فيه قد أفرزمتاعب على مستوى حركية النشروالتوزيع إذ تراجعت العديد من مؤسسات التوزيع عن إنخراطها في حركية الإنتاج السينمائي بسبب أن الكثيرمن الأفلام يتم بثها على فيديوغوغل بالمجان وبالتالي فهي تصبح رهن مشاهدة الأنترنوتيين فقط بنقرات معدودة للتحميل .
هناك بعض الأفلام التي يتم تحميلها بسعرلايزيد عن 3 .99 دولارمايعني أن هذه الوسيلة الشبكية تعتبرثورة على وسائط الإتصال التقليدية وهكذا صرنا نلاحظ الآن أن أي فيلم من الأفلام الجديدة لابد أن يخضع لسيرورة النشروالتوزيع التي تنطلق بداية من القاعات السينمائية ثم التسويق على أقراص DVD قد تصل هذه المدة إلى أكثرمن ستة اشهروبعد مرورعام على إنتاجه قد يعرض على القناة التلفزية كآخرحلقة في هذه السلسلة .
شبه البعض مايحدث بالزلزال الثقافي فقد صاربالإمكان وباستعمال (ميني كاميرا) وكومبيوترأن نتواصل مع العشرات الآلاف عبركل أنحاء العالم . فبالأمس القريب عشنا مع الصحافة ( السمعية ـ البصرية والصحافة المكتوبة ) باعتبارها سلطة رابعة ، تلك السلطة التي كانت تنحشرأحيانا حتى في الإشكالات التي لاشأن لها بها ، وكثيرا ما حاصرت وأحرجت السلطات الثلاث الأخرى .. أما اليوم فقد إنتقل الدورإلى الإنترنيت ودخل على الأون لاين مخاطبون ومراسلون غيرمرخصين وغيرمتخصصين في المهن الصحفية والإعلامية ...
لقد زعزع الإنترنيت كما قلنا كل المؤسسات فلم يعد مثلا مسيرو ومديرو الشركات هم الصوت الأوحد لمؤسساتهم . ومرشحوا الإنتخابات سواء كانت رئاسية أوبرلمانية أوبلدية قد بات من المفروض والواجب عليهم تذوق الديموقراطية في طعمها (الشبك ـ عنكبوتي) الراهن .. الماركات التجارية أيضا أصبحت بدورها مهددة بالكساد والبوارويحوم بها شبح الخسارة بسبب إشاعة مغرضة قد تطلقها جهة منافسة أومعادية على الأون لاين .
أما بعض الفيديوهات الملفقة والصورالمركبة ذات الأهداف الشخصية أو الجماعية فقد باتت تجوب الكرة الأرضية بنقرة واحدة عبراليوتوب أو الدالي ميشن .. وبات الخطريتهدد كل وسائط الإتصال التقليدية (راديوـ تلفزة ـ سينما ـ جرائد ـ مجلات ) فلم تعد وحدها تحتكرالمعلومة أوالتحقيق أوالتعاليق أوالربورتاج في زمن يعرف إنشاء مدونة كل خمس ثواني ... فمع مطلع شمس كل يوم يتم إحصاء زهاء 100000 مدون جديد ( أي ناشرجديد قد يروج لأفكارتحريض أورفض واحتجاج ضد هذه الجهة أوتلك أوأفكارتأييد ودعم ومساندة ...) أما في الميدان الفني فقد أصبح كل فنان منتجا على نفس الدرجة التي كان بها بالأمس متلقيا (مستمعا ـ قارءا ـ متفرجا ) .
إن الشبكة العنكبوتية قد مكنت روادها منذ بدايتها أواسط التسعينات من التعبيرعن أنفسهم أما اليوم فقد تطورالأمرإلى كونها أصبحت واجهة للتفاعل وتبادل الصفحات الإلكترونية . والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح اليوم هو من سيربح هذه المعركة الإعلامية والتواصلية بكل تقلباتها الواعدة بالآمال تارة والشكوك والإلتباسات تارة أخرى ... وهل دخل العالم فعلا في عصرالسلطة الخامسة .؟
بعد عصرالأسلحة وعصرمخادع الإنتخابات قد نقراليوم أننا دخلنا عصر(الماوسات) SOURIS
الحاسوبية، فالمواطنون قد بات بإمكانهم الضغط على ممثليهم في المؤسسات الديموقراطية بواسطة الإنترنيت الذي هز زلزاله كل قواعد اللعبة السياسية في مختلف أرجاء المعمور، فلاننسى دوره في الحملات الإنتخابية في أمريكا وفرنسا وكوريا الجنوبية البلد الأسيوي الرائد عالميا على مستوى تعداد الرواد الشبكيين فقد أقركل الملاحظين السياسيين هناك بالدورالأساسي الذي لعبه الموقع الإلكتروني (هومي نيوز) في فوز المحامي (روه مو ران ) حيث كان يزوره في اليوم مايناهزعشرين مليون مواطن كوري . يمكن إذن القول ان العديد من الأنظمة السياسية في العالم قد عبرت من مواقع الظل والنسيان إلى مواقع الشمس المعلومياتية وهكذا وبعد أن فطن العديد من الفاعلين السياسيين إلى هذا المنبرالإعلامي الحديث وغيرالمسبوق ــ الإنترنيت ــ شرع الكثيرمنهم يبحثون ويستقطبون أصوات التأييد من مواطنهيم أينما كانوا في الجهات الأربع من العالم عبرالشبكة العنكبوتية.
أما بعض الهيئات السياسية والحزبية على الخصوص فقد شرعت تستثمرهذه الوسيلة التواصلية عن طريق تقنية الطرق الإفتراضي على الأبواب الإلكترونية للمواطنين لتمطرهم بعشرات الآلاف من الرسائل الإلكترونية والمايلات المرفقة بملفات file سمعية بصرية تتضمن إعلانات وخطب وبرامجهم السياسية ...
وأخيرا هل يمكن القول أن الميديا الذاتية self-média قد عوضت الميديا العمومية
(mass-média ) ؟
|